وثائق سوريا
رسالة طلب مساعدة من حسني الزعيم إلى الشيخ محمد الأشمر عام 1941م
الرسالة التي أرسلها حسني الزعيم من سجنه إلى الشيخ محمد الأشمر يطلب فيها المساعدة في الإفراج عنه عام 1941م
نص الرسالة:
حضرة الصديق الغيور والأستاذ الفاضل المجاهد المغوار الشيخ محمد أفندي الأشمر الأفخم..
بعد تقديم واجبات الاحترام والسؤال عن صحتكم الغالية.. أُبدي أني أرعين السجن اعتباراً من صباح البارح الأربعاء محاظاً بالمجرمين والقتلة والسفاكين دون ذنب جنته يداي، غير إني كنت مثال الضابط النزيه المخلص الذي لا تأخذه بالحق لومة لائم.
أخي في أثناء الحرب كنت محاظاً ببعض من الضباط، اتصفوا بالجبن والخداع والمراوغة، سعوا بالهرب والأنزواء خوفاً على أرواحهم إلا أني شعرت بمقاصدكم وخوفهم، فعاملتهم كما يجب عليّ كضابط يعرف أهمية وظيفته بالشدة والصرامة، دونما خوف أو وجل فحقدوا عليّ، وعندما استتب الأمر رجعت إلى دمشق، وأنزويت في داري مدة أربعة أيام، وفي نهايتها دعاني الكولونيل “كوله” إليه، فذهبت بصحبة الأمير سعيد، وأقسمت له يمين الطاعة والاخلاص وهو بدوره أقسم لي يمين الولاء وأن لا يعتدي عليّ قطعاً وأمرني بجمع الأسلحة التي كنت وزعتها على العصابات التي كنت شكلتها بأمر الجنرال “دنز” غير أن ذلك الأمر كان من الصعوبة بمكان فمن أين لي أن أجمع السلاح الموزع على الجنود التي فرت إلى يبرود أو جيرود أو النبك او القطيفة؟
إنكم تقدرون ولاشك حرج موقفي في هذا الأمر ولذلك ذهب الكومندان حسام الدين، والكابتين محمود اللذين خرجا على التقاعد، والكابتين دوخي، والليوتنان صفدي بالاتفاق مع ليوتنان إفرنسي إلى الكولونيل كوله ووشوا ضدي وشاية أدت بي إلى السجن، وما أدعو لديه إني خطر جداً على سلامة الدولة المحتلة، وإني أغذي العصابات التي تقاتل جيشهم وإن العصابات لم تزل تأمر بأمري، ودليلهم أني لم أنفذ الأمر الذي أخذته من (كوله) وهو جمع السلاح فطلبني إليه (كوله) صباح الأربعاء وعند دخولي لعنده وجه لي هذا السؤال:
لماذا لم تجمعوا السلاح يا حضرة الكولونيل؟
فأجبته بأن ذلك لا يمكنني بالوقت الحاضر، وعند ذلك دخل اثنين من الدرك الإفرنسي مدججين بالسلاح و طلبا من سلاحي فلم يسعني إلا الإذعان، وتسليم سلاحي، فقاداني إلى سجن القلعة بهذه التهمة، وعند الظهر أو بعد قليل جاء أحد رجال الدرك الإفرنسي وقال لي بأني بعد أن كنت متهم صرت معدود كأسير حرب، وهذا ما دلني على أن الجنرال لم يعبأ بأقوال الذين حاكوا ضدي هذه المؤامرة الدنيئة، وعاد فعدّني أسير حرب، وعلى كل استبشرت خيراً وإني الآن لم أزل مضرب عن الطعام إضراباً نهائياً إلى أن تظهر لهم حسن النوايا التي أكنها في صدري، وقلبي النبيل الصادق، فإني في هذه الحالة تكاد نفسي تزهق ويكاد قلبي يفر من من محله لأني على ما أعتقد لا استحق إلا كل إكرام.
فأين هذا الاستقلال الذي منحه الجنرال دوكول إلى سوريا ورجالها وخيرة قوادها الأبطال ترزح تحت نير السجن وفي غرفة لا يدخلها النور والشمس إلا من كوة صغيرة في منتصف بابها.
لذلك جئت إليك أيها الأخ المخلص بكتابي هذا أطرق قلبلك النبيل لما أعلمه عنك من غيرة ورحمية وشجاعة آملاً منك أن تشكل وفداً من رؤوس الميدان ويذهب هذا الوفد إلى الجنرال وأنت على رأسه، وتطلبوا إليه إخلاء سبيلي حالا، وتشهدوا لديه بطيب عنصري وشجاعتي وعدم حنثي باليمين الذي أقسمه إلى الكولونيل كوله، هذا ما آمله منكم وبذلك تثبتوا لي طيب أصلكم وشجاعتكم الأدبية التي أرجو الله أن تجعلكم أحد الرؤوس العاملة في حقل تخيص سوريا من النير الأجنبي.
أخي إني سأبقى مضرباً على الطعام إلى أن يأخذ الله بيدكم ويوفق مسعاكم لخلاصي من ذلك المأزق الحرج الذي أكاد أذهب ضحية باردة على مذبح الانتقام الدنئ، والمؤامرات والدسائس المنحطة.
ختاماً سدد الله خطاكم ووفقكم لما فيه الخير وتفضلوا بقبول احتراماتي مقرونة بأعظم تمنياتي واعتباراتي الأخوية الخالصة.
27 حزيران 1941م
الكولونيل
حسن حسني الزعيم




المراجع والهوامش:
(1). المجاهد الشيخ الصامت محمد الأشمر- سيرته وحياته، إعداد لجنة الدراسات التاريخية- الطبعة الأولى - دمشق 2002م،صـ 243.
بيان غرفة تجارة دمشق حول دعوة المواطنين للاعتداء بشراء الحاجيات 1956
رسالة شكري القوتلي إلى لجنة تأبين الشيخ محمد الأشمر عام 1960م